صلاح شعيب


الكتابات

خرج هذا الأسبوع من المستشفى صديقنا الأثير الفنان التاج مكي بعد أن لازمته عثرة - بعد أداء صلاة الصبح - كادت أن تودي بحياته لولا لطف الله. وتاج أحد تجليات تجوال السودانيين في بيئات بلادهم المتعددة حينما كان الترحال أمراً معهوداً، بشكل عام، بينما تصقل الخدمة المدنية موظفيها بتنقلاتها غير المستقرة في سهول، ووهاد، البلاد، بشكل خاص. فالتاج ينتمي لأكثر من مدينة حتى إنه لا يُرجع بالحسبة الجهوية إلى مسقط ...

تهاون مكون الحرية والتغيير، وهو الطرف الأساس في الوثيقة الدستورية، ينبئ عن أزمة مستقبلية سندركها ضحى الغد، ثم نبدأ حينذاك في لطم الخدود، وشق الجيوب. فالنار من مستصغر الشرر. إن صراع قوى الحرية والتغيير بعضها بعضا، وصراعها مع المكون العسكري، وتجاذباتها مع الحكومة ووزرائها ضربة قاتلة للتغيير وهدية ثمينة لفلول النظام البائد. فهذه القوى السياسية المركزية التي لا يجمع بينها الآن سوى ما صنع الحداد ما تز...

عبد القادر سالم فنان مثمر للغاية، وشكل إضافات مهمة للموسيقى السودانية في بعدها المختلف عن الخماسي. ومنذ الستينات ثابر ليقدم معالجاته بكثير من الصبر، والرقة، والجمال. والأهم من كل هذا هو أنه، ومجموعة فناني كردفان بقيادة البايونير إبراهيم موسى أبا، شاركوا بفاعلية في تأكيد وجود مساق غنائي له قيمته القصوى في إطار اعترافهم بتعدد السودان. ومن هنا تكمن أهمية عبد القادر في أنه ساهم في لفت الانتباه لتراث ...

ما بين بيئة البطانة الساحرة، ومروج كردفان في موسم النشوق إليها، تنقلنا مغنيات جدد إلى دهشة النغم، والإيقاع، في البلاد..فنكتشف أن جيلنا الجديد أكثر قومية في حسه الفني. فهن يعالجن غناء السودان وإن لم ينتمين إثنياً، أو ميلاداً، إلى بيئات فيه. وذلك ما كان يستهدفه ملحن "صه يا كنار" ليمنح من لا صوت له غناءه في البث القومي. فجاءت “يا أم قرقدي جبدي كان يبقى زي حقي دي”، و"يوم بيوم نبيع الكمبة"، و”جابو لي س...

استشرى منذ حين نوع من الغناء الجديد في الوسط الفني مشابها لطقس الراب الأميركي الذي خلق ذات الجدل الذي يثيره السودانيون الآن حول شكل هذا الغناء، وتركيبته اللحنية، وموضوعاته، أو لغته الشعرية. وبمثلما أن الطبقة الوسطى الأميركية قد صحت ذات يوم، ووجدت أن ما تعارفت عليه من غناء قد تم تحويره كليةً - صحونا نحن أيضا، على الأقل جيلنا..وما فوق، معنفين، ومستهجنين. ما لشيء إلا لأننا وجدنا هذا الشباب قد قلب ال...

كانت كاريكاتيرات صحيفة (الناس) تحاول الإساءة للزعيم الأزهري، وتنال من قناة ما يشيع بعضهم عن أصله العرقي. ولكن كالزبد ذهبت كل تلك المقالات، والكاريكاتيرات العنصرية، وانتهت الصحيفة، وبقي الأزهري أحد الآباء المؤسسين لسودان ما بعد الاستقلال. وبعد المفاصلة بانت عنصرية بعض الإسلاميين الذين نالوا أيضا من قناة شيخهم فكتب أحد الكتاب الإسلاميين مقالا يذكر الناس بقبيلة الترابي، وكأن هذا الانتماء الإثني يقدح ...

هناك حملة منظمة رافقت لجنة إزالة التمكين منذ تكوينها. الاستهداف يتم على مستويين. فالأول يتعلق بطبيعة إجراءاتها، إذ يكثر بعضهم من مساءلة شفافيتها العدلية، وهذا أمر مشروع، ومطلوب. أما الاستهداف الثاني فيتقصد اغتيال شخصية المسؤولين في اللجنة لدواعٍ تتماشى مع خطة تلطيخ سمعة الموظف العام. الإخوان المسلمون هم أصحاب المصلحة في تهديم سمعة اللجنة ثم أبحث عن الباقين. ولذلك من الطبيعي أن يعمل الإخوان بمرجعي...

منذ نجاحها في إسقاط نظام الحركة الإسلامية تكثفت المحاولات المستميتة لسرقة الثورة. بدأت المحاولات باستلام أبنعوف السلطة ليوم ونصف، وتلته محاولات حميدتي للاستعانة بالإدارات الأهلية، ولقاء البرهان بجيوب حزبية انتهازية ساهمت في تمديد سلطة البشير. وجاء فض الاعتصام، وإيقاف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، ليكون ضربة قاصمة للثورة، والثوار. ومع كل هذه المحاولات نجحت سيرورة الثورة في تكذيب الطامعين في سرقته...

مشكلة السيد حمدوك الأساسية هي أنه يبحث عن الضوء بينما هو يملأ أرجاء ناظريه. فهو قد أتت به ثورة، ومنحته بثقة مطلقة التفويض الكامل لاتخاذ ما يراه مناسبا في الجهاز التنفيذي. فكيف إذن يعود لنا بعد عامين ليحدثنا عن ضرورة عقد إجماع حول كذا، وكذا، من القضايا العالقة، وكأن التفويض الذي حاز عليه لم يكن من ثورة أجمع عليها شعب السودان؟. وقد توقعت أن صديقنا ياسر عرمان سيكون أكبر معين لرئيس الوزراء في المضي قد...

يبدو أن المؤسسات المنوط بها تحقيق العدالة بعد الثورة عاجزة تماما عن إقامة فسطاط العدل. وترافق مع هذا العجز خيبتنا في المسؤولين المعينيين بعد الثورة في سرعة إنجاز حتى التقارير عن جرائم اغتيالات جماعية حدثت بعد فض الاعتصام في نيرتتي، والجنينة، وبورتسودان، والخرطوم، وكادقلي، هذا فضلا عن جريمة اغتيال رئيس الوزراء نفسه. من خلال تصريح الأستاذ نبيل أديب الأخير يبدو أن أهل ضحايا فض الاعتصام سينتظرون إلى ...

السياسيون أذكياء في التكويش متى ما لاحت لهم فرصه. فكل تياراتنا الثورية بلا استثناء تماطلت في إفساح المجال للمجلس التشريعي حتى يعلو رأي ممثلي الشعب فوق رأيها الفئوي. طبعا التبرير هو أسهل معدات السياسي زعيما، أو تابعا له. فإذا سألت أحدهم عن السبب الجوهري لتأخير قيام المجلس حتى الآن فبكل سهولة سيقول لك إن هناك تحديات، وخلافات، والمشاورات ما تزال جارية. وإذا سألته عن جدوى تكوين مجلس شركاء السلطة بهذه ...

وجد مصطلح التنمر موضعا كبيرا في نقاشات شبكات وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع على خلفية ما حدث للفنانة التشكيلية روني مصباح. والحقيقة أنه منذ أن استشرت فرص الإخبار، والتعبير، وجد المبدعون والمفكرون، أو الكتاب، أو الصحفيون، أو المغنون، أو الفنانون، أو المسرحيون، اهتماما بإنتاجهم. وفي ذات الوقت - كلما توغلنا في عمق زمن الميديا الحديثة - كثرت شكاوى المبدعين من النقد الذي يصعب قياسه كونه موضوعيا، ...

قبل أيام أوردت الجزيرة مقابلة مع من يسمى خبيرا استراتيجيا ليتنطع قائلا إن الذي يريد أن يتحدث عن الجيش ينبغي على الأقل أن يملك شهادة من شعبة القادة والأركان، أو أكاديمية ناصر مثلا. بالله لو لم يكن هذا الرجل خارجا من كهف التاريخ فما هو موقع الديناصور الان وسط غابات الملايو؟ وهذا المحلل الكزمبولتانت هو من مخلفات ذلك العصر الذي عصر الناس، وأعسرهم. فقد ظل "الخبير الاستراتيجي الجهبوذ" يتلجلج بفهم عقيم ...

المقال الصحفي: سؤال الأسلوب، وكنه التناول | undefined

المقال هو رمانة الصحافة. وعلى خلاف العمود، أو الزاوية، فهو موقف الكاتب من الحياة باستطراد قليل. فالعمود أدعى للغة التيلغرافية المهموسة حتى ليكاد عند أنيس منصور، أو سمير عطا الله، ينتهي ويحتاجك لتفك شفرات الإرسال مرة، ومرتين. وأنيس قالوا إنه أنزل الفلسفة من عليائها، وشرحها في زاوية صحفية ضيقة. ولكنه في ذات الوقت صعد بلغة المقال الصحفي إلى مراقٍ من التبسيط المعمق، أو عمق البساطة. وإن ظن الجاهل أنه ...

لماذا نتجاهل المبدعين في حياتهم، ونذرف الدمع السخين عند مماتهم؟ | undefined

المبدعون يحتاجون إلى الدعم المعنوي باستمرار سواء كانوا أثناء مراكمتهم الأعمال، أو بعد تقاعدهم. لو أن حفزنا جمعهم - وهم في قمة العطاء - لواصلوا دون توقف. وإذا حافظنا على تذكيرهم دائما بدورهم في تجديد حياتنا لمنحناهم عمراً جديداً، وغادرونا راضين عن وفاء شعبهم لهم. الحقيقة أن كثيراً من المبدعين رحلوا، وفي حلقهم غصة. بعضهم لم يجد عناية الدولة، أو الجمهور حين مرضوا، أو ضاقت بهم سبل العيش. فمعظم مبدعين...

كان الترابي لماحا في توظيف القبيلة بدهاء الخبث السياسي عند منعطفات تجربته العشرية لصالح ترسيخ نموذجه لإعادة صياغة الإنسان السوداني إسلاموياً. ومن جاءوا بعده ذهبوا بالعنصرية إلى آخر شوط، وأضافوا زمناً إضافياً. حسنا دير بالك!. إنه اشتغل على مستويين في هذا الكفاح الحركي. أولاً وظف علي الحاج عبر ديوان الحكم الاتحادي لتقطيع البلاد إلى نظارات، وعموديات، وحواكير، بدعوى تقليل الظل الإداري. أما المستوى الث...

يبدو أن بيت الميرغني بحاجة إلى الوحدة قبل أن يسعى أبناؤه للم شمل الاتحاديين أولاً، ثم الختميين ثانياً. وكذلك السعي بإجراء آخر يدمج تياري الحزب في منظومة سياسية جديدة تعيد الاعتبار لتاريخية الحزب، وشريفه الهندي. وذلك حلم كثير من أصدقائنا من نخبة الاتحاديين، وعامتهم. ولكن هذا الشقاق الميرغنوي اتضح من خلال هذا الأسبوع وحده، وأربكنا جميعاً. فاجتماع قاعة الصداقة الذي جمع فصائل الحزب "الحكومية"، وأخرى، ...

بلقائه نجل مرشد الختمية بدأ يتكشف رويداً، رويداً، جانب من الهدف السياسي لرئيس الوزراء من مبادرته. والحال هكذا، فربما نقرأ غداً، أو نشاهد، أو نسمع أن عبد الرحمن المهدي التقاه من وراء حجاب استجابةً لحجة مبررة من المهدي تقول: "نحن أيضا وقفنا ضد ثورة الشباب..فلماذا لا تشملونا ببسمة، ونظرة تغير حالي". ولو حدث هذا يكون حمدوك قد أرادنا أن نتوثب معه في حوار يهدف إلى تقنين الهبوط الناعم الذي يحاربه إخوان...

مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تأخرت عن مواعيدها كثيراً. وكان ينبغي أن تسبق تشكيل الحكومة التي أتت بجناح من قوى الحرية والتغيير، وتجاهلت رأي جناح آخر. وقلنا وقتها إنه كان ينبغي لحمدوك أن يجمع التيارين للإصلاح بدلاً عن الانحياز لطرف، والقبول بتصوره، ومنح الظهر للطرف الآخر. ولأن هذا النهج الانفرادي أوصله إلى طريق مسدود طرح مبادرته المتأخرة جداً. ومع ذلك نحمد لحمدوك الاعتراف الآن وحده بقوله إننا ن...

رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بدأ علاقته مع ثورة ديسمبر بحديث غير موفق أغضب الثوار بينما كانت حركته على وشك التوصل مع البشير إلى اتفاق عبر جولة ثانية من المفاوضات في أديس أبابا بجانب حزب المؤتمر السوداني، والحركة الشعبية جناح عقار، وآخرين تسيدوا في المشهد السياسي اليوم. د. جبريل بعد عودته إلى السودان قدم عبر تصريحاته كل ما يؤكد أنه ما يزال أخاً مسلما ملتزما بالنظرية أكثر من التزامه بالم...

نشكر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك على خروجه للتحدث للأمة السودانية شارحاً بالاستفاضة بعضا من التحديات التي تجابهها البلاد. ولو أن السيد حمدوك خصص على الأقل خطابا أسبوعياً منذ توليه يكاشف فيه شعبه احتراماً لوجد التقدير الدائم في هذه اللحظات الصعبة التي يواجهها بوصفه المسؤول التنفيذي الأول عن البلاد. فالشعب السوداني الذي صبر على كل الطغاة لن يغلبه الصبر على رئيس وزراء انتخبه ممثلو ثوار من بين كل النا...

ما هي الجهة التي تمثل الثوار اليوم؟ سؤال انتابني وسط هذا التفرزع في الحاضنة السياسية للحكومة، أو قل الفترة الانتقالية. في البداية خرجت الحركات المسلحة من تحالف قوى الحرية والتغيير، ولم تفلح إعادتها عبر اجتماعين في أديس أبابا، والقاهرة. ثم حزب الأمة، ثم الشيوعي فتبعه تجمع المهنيين، ثم خرج أناس آخرون. عاد حزب الأمة مرة ثانية بعد ضمان خروج الشيوعي. ثم استمرت قحت حتى ساهمت في تشكيل مجلس شركاء الفترة ا...

الحمد لله الذي جعل الموكب يمر بسلام ما عدا الحادث المؤلم الذي نجم عنه وفاة جندي بطلق طائش كما جاء في بيان مجلس الوزراء. والمواكب السلمية عموماً في الديموقراطية ضرورة للضغط على الحكومة. وفي حالتنا الانتقالية تغدو جوهرية بالنظر للتنكب الذي لازم المسؤولين المدنيين تحديدا إزاء القيام بالواجب المطلوب. فالحضور المعتبر للثوار، والشعارات التي رفعوها، أكدت أن الثوار يقظون، وأن لهيب الثورة لم ينطفيء بعد، و...

رحل عنا الموسيقار المميز موسى محمد إبراهيم في ديسمبر الماضي ضحيةً لوباء كرونا فخلفت وفاته حزناً عميقا لدى محبيه، وعارفي فنه. فقد كان الراحل أحد الذين قامت عليهم أعمدة الموسيقى والغناء في البلاد، إذ ظل منذ صغره يهيم بهذا الفن حتى توج نفسه رمزا ثقافياً كبيراً لا يدركه الجيل الحالي. وذلك بسبب هجرته لدولة الإمارات منذ السبعينات، وأخيرًا الولايات المتحدة حيث قضى فيها نحو ثلاثة أعوام إلى أن وافته المنية...

تداعى عدد من أبناء السودان لتخليد ذكرى ابن الفاشر الأستاذ صديق محمد البشير بعد أن التقط الأستاذ محمد بدوي القِفازَ أولا لتحشيد الجهود لبناء مكتبة، أو مركز، باسمه. ومحمد نفسه من خيرة أبناء الفاشر الذين أنجبتهم تجربة العمل المدني المثابرة، ومشاركاتُه القومية عبر الكتابة الراتبة عن شؤون السياسة، والثقافة، وحقوق الإنسان، والقانون الذي فيه هو خبير مختص. ولهذا أحس البدوي بأن هناك حاجة ملحة لتحريك النشاط...

الوضع المعيشي البائس الذي يعايشه فقراء البلاد له جذور في ممارسة اقتصادنا السياسي المركزي. إنه نتاج أنانية النخبة المالكة لا غير. وهذه الجماعة الشبقة للمال مورثة علينا غصباً عنا، وتتحايل في كل مرحلة من تاريخنا السياسي المعاصر، لتحافظ على مصالحها. والانشغال بالتحليلات لسطح الواقع السياسي - على أهميتها وضروراتها - تبدو أحيانا ناقصة لو أنها لم تستصحب هذا التاريخ من التخاذل النخبوي في ضرب بور الفساد ال...

ما حدث عشية التاسع والعشرين من رمضان من تجدد لقتل المتظاهرين على أيدي القوات النظامية أمر يثير الغضب حقا. فبعد عامين من نجاح الثورة أفطر الساسة الشباب الذي أوقد نارها على بصلة الخزي، والعار، وسفك الدماء. فالحكومة فشلت تماما في أن تكون على قدر المسؤولية، وركز الذين وقفوا على إعادة أمر تشكيلها على الاستهبال لا غير. فقوى الحرية والتغيير تآمرت على قتل فكرة تكوين المجلس التشريعي - قبل أن تتشظى - لتنفر...

واضح أن الاستقطاب الحاد بين قوى الحرية والتغيير بعضها بعضا، وكذلك التنازع بينها وبين السيادي والتنفيذي من جهة، وارتياب أطراف منها من السلطة الجديدة للحركات المسلحة من الجهة الأخرى، خلق حالة جديدة في المشهد السياسي. هذه الحالة ستفرض عاجلا أم آجلا بالضرورة تحالفات مبنية على خلفية الصراع التاريخي بين المركز والهامش، أو بين الخرطوم ومناطق النزاع إن شئت. والواقع أن اتفاق سلام جوبا مثل مرحلة فارقة في ع...

مع تقديرنا للحيثيات التي أجبرت الحزب الشيوعي على الانسحاب من ميدان قوى الحرية والتغيير سوى أن لا مهرب للحزب الشيوعي من التحالف الجماعي مع قوى الثورة بتنظيماتها كافة. فالمرحلة الحالية التي تمر بها البلاد تتطلب ترميم - لا تفتيت - مظلة الحاضنة للفترة الانتقالية لتشمل كل القوى الحية في المجتمع التي ساهمت في إنجاز التغيير. وهذا عمل كان ينبغي أن يكون المسؤولون عن الحزب الشيوعي على رأس قيادته، وذلك بإعا...

ضمن تحالفاتنا السياسية الرائدة كانت كتلة "الإجماع الوطني" هي الوحيدة التي امتلكت موقفاً نظرياً واضحاً لإسقاط نظام الحركة الإسلامية بعد انتفاضة 2013. وهو أكثر تحالف أدى دورا مميزا للمساهمة في تنظيم الحراك الثوري، وعملت خبرة قادته الطويلة، وكوادره، بجانب كوادر حزبية ومستقلة أخرى، على تشبيك، وقيادة الفعل الثوري بعضه بعضا حتى تحقق نجاح الثورة. ففي الوقت الذي كانت فيه كتلة "نداء السودان" تراهن على الحل...

دخلت البلاد بسبب التطبيع مع إسرائيل في أزمة سياسية خانقة بعد تجاوزها الأزمة الاستبدادية التي خلقها نظام الإخوان المسلمين لمدى ثلاث عقود. وربما ستعصف هذه الأزمة باستقرار كل البلاد إن لم يتم تداركها بتعقل، وروية، ومسؤولية، من القوى التي شكلت نفسها كحاضنة للثورة، خصوصا. ولعلها وحدها التي تتحمل الآن مسؤولية المهازل التي تجري في البلاد هذه الأيام. فهي قد انشغلت بخلافاتها السياسية، ولم تتداركها حتى هذ...

لا ندري إلى أين وصلت خطوات المسؤولين عن البلاد للإسراع بتشكيل المجلس التشريعي. ولكنا ندري تماماً أن التباطؤ في قيامه بحجة تحقيق السلام كان أمرًا باطلاً، إن لم يكن مقصودا لذاته. وفصلنا في مقال سابق قبل عام تقريبا بأن هناك إمكانية لقيام المجلس، ولاحقا اقترحنا أنه لو تحقق السلام يُضاف إلى قائمة النواب المعينيين عدد من ممثلي الحركات المسلحة. وأشرنا إلى أن كل القوى المؤثرة في المشهد السياسي توافقت مصال...

لولا أرواح الشهداء الغالية، وعزم الثوار - الأحياء منهم، والجرحى، والمفقودين، لما تحققت لنا إزالة النظام البائد من الوجود ورفع اسم السودان للخلود. فهذا المسعى الدبلوماسي الذي أتى اكله بدأ مبكراً بالحوار مع الإدارة الأميركية، وثابرت الحكومة حتى نجحت في رفع العقوبات. ولا بد أن نشيد بدور رئيس الوزراء، وفريقه من مسؤولي الخارجية، وسفارة السودان في واشنطن، الذين تابعوا هذا الملف منذ حين، وأغلقوه بالنجاح ...

حتى الآن لا ندري إن كانت قوى الحرية والتغيير ما تزال جزءً من المعادلة السياسية، أم أنها أصبحت مهيضة الجناح، وبالتالي تغرد خارج سرب الانتقال. ولعل الموضوع له علاقة بنحر كل الأطراف الثورية للشفافية التي تصورنا أنها في الوضع الديموقراطي متوفرة بشكلٍ دائم بينما غيابها علامة بارزة للديكتاتوريات. فلا مجلس الوزراء مجتمعاً، ومعظم وزاراته، ولا المجلس السيادي، ولا قحت، أو الأحزاب التي تشكلها قادرة على الخر...

ما كان يتصوره المرء هو أنه بعد استمساك وزير الثقافة والإعلام بمقاليد الأمر في وزارته أن يقيم أولاً مؤتمراً عاما يدعو له الإعلاميين، والكتاب، والدراميين، والسينمائيين، والموسيقيين، والمغنين، والتشكيليين، والروائيين، والشعراء، والنقاد، إلخ. الهدف الأول لذلك المؤتمر لإعانته هو شخصيا بصياغة فلسفة إعلامية - ثقافية لما ينبغي أن يكون عليه حال ثقافة وإعلام السودان بعد الثورة التي نشدت التغيير الجوهري في م...

ما تزال مظاهر التردي الأمني، والتدهور الاقتصادي، تسيطر على المشهد السياسي في ظل الاتهامات بين القادة المدنيين والعسكريين. فالأحداث في شرقنا الحبيب تنذر بتفلت في سياق عدم قدرة الحكومة على فرض حاكم الإقليم المعين لمدى يقارب الشهر. والأحوال المعيشية تطبق على الطبقتين الوسطى والفقيرة، دون وجود بارقة أمل على المدى القريب. وغير ذلك فإن الأوضاع الموروثة في كل مناحي الحياة لم تتبدل للأحسن، ولا يوجد سوى ال...

ما يزال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك يتحاشى الدعوة لعقد مؤتمرات صحفية راتبة، ويفضل الحوارات الفردية مع قلة مختارة من الإعلاميين، والتي لا تطرح كل أسئلة الساعة الجوهرية. ولو أن المؤتمر الصحفي يعني تمثيلا للشعب ما دام هناك صحفيون يحملون همَه، وهُم صوته، فإن رئيس الوزراء بحاجة إلى سماع هذا الصوت، والرد الشافي عليه. لا أن يكتفي بالرد على أسئلة عرضت عليه مسبقا. فالمواطن، والثائر، يريدان معرفة عشرات المسا...

قدرة النخبة السياسية على الضحك على عقول المواطنين عميقة، ومدمرة في الوقت نفسه. وظلت الأمة السودانية منذ الاستقلال مرهونة بتلاعب شعارات الزعماء والقادة الرنانة، أو كذبها الصراح، أو استهبالها المقيت. ورغم أن الثورة جاءت لتقطع مع هذا النهج الذي استمر نحو أكثر من نصف قرن، وأنتج أنهار الدماء غير أن نخبتنا السياسية المسؤولة عن فترة الانتقال ما تزال تعيد إنتاج الضحك على عقل الشعب عامة، والشباب - خصوصًا -...

منذ حين يحاول زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي اللحاق بالوتيرة الثورية المتصاعدة فيفشل في الوصول إلى مرحلة الاندماج مع أهدافها الجوهرية. ولاحقًا يسعى المهدي لتجيير الوضع الجديد الذي أفرزته الثورة لصالح خطاب حزب الأمة بسياسات مناوئة، ولكن هيهات. فسودان اليوم ليس هو سودان الستينات، أو الثمانينات، على أقل تقدير، إذ تراجعت فيه آثار زعامة الحزبين التقليديين، شاء المريد أو أبى، وهذه سنة الحياة. فلو...

يعد الشاعر صلاح حاج سعيد أحد الأصواتِ الشعرية المميزةِ في تراثِ الأغنيةِ السودانية. ولعله عاصر زمانين في مسارِ التطورِ الشعري الغنائي، إذ أسهم مع الجيلِ الذي برز في السبعينات في تجييرِ الأغنيةِ لعاطفةِ المرحلة...

مؤتمر الشركاء: دبلوماسية الثورة مقابل دبلوماسية الكيزان  | undefined

أفرزت الدولة المركزية للحركة الإسلامية في عقودها الثلاثة تناقضا منحطا في دبلوماسيتها الرسالية المدعاة. إذا كان هذا التناقض مفهومًا بدافع الذرائعية التي يعتمدها الكيزان للوصول إلى غاياتهم الاستبدادية، فإن الانحطاط مرده إلى ابتذال المهنية في العمل الدبلوماسي. وقد عايشنا فساداً دبلوماسياً، للدرجة التي تأتي فيها خارجية غندور بدبلوماسي ممثل للبلاد في الأمم المتحدة لا يحسن قراءة الإنجليزية، والتحدث بها ...