الثورة إفتضاح

هيثم دينار - 18-03-2021

مابين سندان حقيقة الواقع ومطرقة واقع الحقيقة

الطابع التاريخي للثورات يتجلي في المحاولات المستميته لإلغاء كل الدلائل الإجتماعية والسياسية والثقافية الإجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية السائدة قبل إندلاعها ، وهذه المحاولات تعمل كسيل جارف تستدعى تحدي قوة مناصري الشارع (الثورات) لتحقيق ماقامت من أجله ، وهذا بالكاد يقود الي إيجاد إطار نظري محمي ببعد فكري كدليل للمشروع الثوري وقوي إجتماعية داعمة لهذا المشروع بإعتبارات فكرية وأيدلوجية تشكل خلفيتهم المعرفية وميولهم الثقافية والفكرية.
ثورة ديسمبر بإعتبارها واحدة من بين الثوراتالتي سعت الي تغييرالنظام السياسي القائم كتغييرفوقي سعي لإزاحة الحكومة ممثلة في رئيسها وطاقمه الوزاري والتشريعي والتشريعي كطريقة حدثت لاحقاً للإنتقال الديمقراطي كفاعلية تنتقل لاصحابها الحقيقيون من ملاك الشارع قبل أن تنتقل السلطة لقوى حزبية وسحبت البساط من القوى المجتمعية للثورة في غياب شروط التشاركية والعدالة ، كما في تجربة ثورتي إكتوبر 1964م وأبريل 1985م والتي أفضت الي ديمقراطيتها مضافاً إليها ثورة ديسمبر 2018م بإعادة توزيع السلطة بين أعضاء النادي الإرثي القديم ومنسوبي بيوتاته النافذة وبعض التمكينيون الجدد .
إذن الخوف وقته ليس من البائدون لقناعة الثوار بأن شعار السلمية وحده إستطاع هد عرش جبروت القوة الأمنية والإقتصادية والإعلامية التي جثمت علي صدر الشعب السوداني زهاء الثاثون عاماً .فكان الخوف ومازال من سارقي راس المال الروحي للثورة من منسوبي النادي الإرثي.
فالثورة الإجتماعية التي وجب أن نبتغيها يُراد لها أن تكون رافعة لشعار التغيير الحقيقي ومنحازة للمستبعدين والمستضعفين من السودانيين .هذه الثورة الإجتماعية ماكان ينبغي لها أن تكون إلا بتحقيق المساواة الحقيقية بين المكونات الإجتماعية للثورة وإزالة التفاوت القائم من الأقلية الإرثية الحاضنة للدولة.
تحديد تاريخ دخول القيادة العامة في السادس من ابريل حدد في قروب مليونية 6 أبريل بالواتساب وتدفقت منشوراته علي وسائل التواصلالإجتماعي من الناشطين والذين حتي وإن كانوا في حواضن سياسية إلا أنهم تجاوزوها وتمردوا علي حواضنهم عندما شعروا ببطء إيقاع وتردد أحزابهم، وشكلوا مجموعات متباينة الايدلوجيات السياسية ومتوافقة الأهداف.
وليس حصراً فمظاهرات مسجد ودنوباوي كان يحركها هذا النموذج من الشباب بع صلاة الجمعة مباشرة ، فكانوا يجتمعون كل يوم ثلاثاء في باحة مسجد الإمام عبد الرحمن بإعتباره مكان غير مرصود لدي الأجهزة الأمنية يدفعون من جيوبهم (الخرقة) لعمل أعلام وشعارات الأنصار . عدد هذه المجموعة كواحدة من المجموعات الأخري لايتجاوز العشرة أشخاص من الجنسين ممثلين بطريقة عشوائية من شباب هدفه التغييرالحقيقي ( شباب من حزب الأمة والحزب الشيوعي والحزب الإتحادي والقليل من شباب مبارك الفاضل) فجميعهم متمردون علي خط أحزابهم السياسية.
هذا الملمح يجعلنا نضع بشكل ضروري ترسيخ مفهوم الإنتفاضة من منظور واقعي أوسع .لأن ثورة ديسمبر تظل من الأحداث المثيرة للجدل. وتحتاج للمزيد من البحث في ظل المعلومة المغلوطة التي تحاول عبرها النادي السياسي القديم تثبيت مفاهيم تاريخية وتحتاج الي مراجعتها كماحدث في الثورات السابقة . فحقيقة الواقع تقول أن نخب الثورات إختزلوا ثورة ديسمبر في 19 ديسمبر لإعتبارات ايدلوجية مرتبطة بإنسان عطبرة بإعتبارها تمثل تراث الحزب الشيوعي وإرتباطها بنقابات عمال السكك الحديدية المُلقبة ببلد الحديد والنار وبذلك قصدوا أن يكون هذا الإرتباط الوجداني محفزاً لإعطاء هذا الشرف لهذه المدينة العظيمة بأن تكون مفخرة الثورة السودانية بل الثورات السودانية . وواقع الحقيقة يقول أن شرارة ثورة ديسمبرإنطلقة من مدينة الدمازين يوم13 ديسمبر ومابين الدمازين وعطبرة أي مابين الثالث عشر من ديسمبر والتاسع عشر منه مفارقات فثورة الدمازين خرجت من رحم كل المجتمعات المكونة وقدموا فيها عدداً منالشهداء وكان شعارهم (تسقط بس) بينما ثورة عطبرة خرجوا من رحمها طلاب المدارس وكان شعارهم (لاتعليم في وضع أليم) كناية عن الوضع المعيشي المتردي.
هذه الأحداث المثيرة للجدل عمقتها أكثرالإجتهادات السياسية البحته التي تحتاج الي تصويب في ظل القطيعة بين المجتمع الثوري والنخبة السياسية والتي أدت الي الفشل المتكرر الذي قاد الي تحويل الزخم وتعويم الحس الثوري وتمرده علي الساسة والسياسيون.
وبذلك فإن ثورة ديسمبر حدّدت نمطاً معيناً لايقاع الحياة اليومية مجافيا للواقع السياسي فطفل الثورة السياسي أياد إبن السادسة من عمره الذي أصيب بقاذفة بمبان لحظة دخول القيادة في السادس من أبريل وهو محمول علي الأكتاف كان يردد أوعاك تخاف أوعاك تخــاف
ياماشي لي درب الخــــلاص
أوعاك تخاف أوعــاك تخاف
شوفني لوذيهــم بخــــــــــاف
أوعاك تخاف أوعاك تخــاف
ماتباري من درب الرصاص
أوعاك تخاف أوعاك تخــاف
الثورة جد دايره الثبـــــــات
أوعاك تخاف أوعاك تخـاف
ونحن ديل ماجيل هبـــــــات
هذا الواقع المعبر عن مجتمعية الثورة يلزم الجميع بضرورة ترسيخ مفهوم الإنتفاضة من منظور تاريخي أوسع باعتبار أن الثورة حدث مثيرة للجدول أكثر من كونه إجتهدات سياسية تسعي الي إعطاء معني للحاضرمن خلال البحث عن الدوافع التاريخية والتعويل علي مفجري الثورات الحقيقيون لتشكيل مجدي الأحداث الحالي.
وحيث أن تاريخ الثورات السودانية التي وقعت في السنوات 1883م و1924م و1964مو1985م جميعها فشلت بسبب المفاوضات التي وجدت بين المجلس العسكري وجماعات المعارضة ، هذا الفشل في التحول الديمقراطي الحقيقي الذي أبعد الحاضنة الإجتماعية الثورية جعل من الجان الثورية (بالفطرة) إختيار طريق ثالث لوحدهم وتحديد شعارهم (تسقط بس) في حين أن ذلك السقوط أو متعده لإستقبال ديسمبر، ومايؤكد ذلك فإن مذكرة المهنيين الأولي كانت تنادي وتطالب بتحسين الإجور (من ِ من..) وبعض الأحزاب نادت بالهبوط الناعم ، وأحزاب أخري لميكن لها حتي رؤية أوقرار.
هذا الحديث يتماشي مع رؤية تاريخية معينة بُنيت علي تصوراً مركزياً نخبوياً علي الرغم من قناعة أصحاب هذه الرؤية أن ثورة ديسمبر ثورة هامش ( الدمازين- عطبرة) إلا أن أحاديث نخب المركز يجسدون هذا الحراك الثوري في السودان من منظور عروبي شائك ومشوب بالإجحاف وهم يضعون وقائع الثورة (السودانية –السودانية) بثورة (الربيع العربي)فالواقع يضع إختلافا جزريا في نمط القيادة الجماعية للجموع المنتفضة في هذا الحراك بمختلف ايدلوجياتهم وثقافاتهم وغثنياتهم وتبائن أعمارهم- هذه الروح الجديدة هي من حددت شعارات الثورة السودانية (تسقط بس) .
تتابعون:
• مراحل دخول القيادة العامة(6أبريل-11ميو/12مايو – فض الاعتصام)
• حديث عبد الرحيم دقلو لبعض الثوار داخل وزارة الدفاع.
• كيفية دخول مبارك الفاضل للقيادة العامة ومن هم المتصدين له؟
• هل فعلا الصادق المهدي لم يشارك في مظاهرة جمعة 4أبريل؟
• بالوثائق